"حفلة هدم: من المسكن العامّ إلى البُرج"
الخميس, 30.05.19, 20:00
السبت, 08.02.20
:
الدكتورة هداس شدار
,إفرات آفني مزاه و
لمعلومات إضافية:
046030800
الكانزتان: الدكتورة هداس شدار وإفرات أفني مازيه
يبدو المسكن العامّ ("الشيكون") ذا شخصية واضحة: مبانٍ أفقية موحّدة ذات ثلاث - أربع طوابق، بُنيت في الخمسينات والستينات. في الأفلام الإسرائيلية التي أُنتجت في الثمانينات وما بعدها، تخدم هذه المباني كـ"زخرفة" للأماكن المخفية في "إسرائيل الثانية". هذه هي الأماكن المنبوذة، الهامشية، الشرقية، التي تتميّز بمشهد مدَني رتيب. وهي تعكس رعاية الحكومة، التي قرّرت بناءها وأسكنت فيها مُهاجِرين جددًا ذوي إمكانيات محدودة ودون مأوى، بهدف تنفيذ السياسية الصهيونية - السيطرة على المكان. لذا، ما أشدّ الفرحة حين يهدم مُبادِرون من القطاع الخاص ضمن مشروع "پينوي بينوي" (إخلاء - بناء) هذه المساكن ويبنون بدلًا منها أبراجًا سكنية مغشّاة بالحجر! "هذه حالة يستفيد فيها الجميع"، يقول المُبادرون أثناء عقدهم حفلات للسكّان مع ضيوف مُحترَمين احتفالًا بعملية الهدم، وجميعنا نوافق.
يكشف المعرض أنّ المساكن العامة ليست متجانسة كما قد يظنّ البعض. فهي تضمّ أنواعًا مختلفة من المباني التي صُمّمت وبُنيت طوال سنوات قيام الدولة حتى اليوم، حتى إنها بدأت تتكوّن قبل إنشاء الدولة. مع هدم المساكن العامّة، تُهدَم أيضًا القيَم التي تعبّر عنها: المساواة، الاحتشام، الاهتمام الاجتماعي للدولة بمأوى لجميع المواطنين، حتى أولئك الذين أتوها كلاجئين مُعدمين. مع هدم هذه المساكن، تُهدَم أيضًا قيمة أساسية تتجسد فيها - قيمة الاشتراكية. كانت المساحات المفتوحة بين البنايات ملتقى للجيران ومكانًا لألعاب الأطفال، ما ساهم بشكلٍ ملحوظ في تحقيق فكرة الدمج بين مجتمَعات المهاجرين وبلورة مجتمع جديد.
معظم عملية بناء البيوت الجديدة اليوم يُجريه مُبادِرون خصوصيون. يحلّ الربح المادي الشخصي محلّ التواضع والاشتراكية اللذَين سادا في الماضي. والفردانية، التي هُجرت في الماضي لصالح الكلّ، تُطلّ برأسها اليوم بفخر. تتصدر الرغبة في مستوى حياة مرتفع سلّم الأولويات. فليس عبثًا تروي الإعلانات للشقق المرغوب فيها أنها موجودة "عاليًا فوق الجميع"، مع موقفَين للسيارات، "منعزلة عن المدينة"، و"واعدة بالهدوء". وليس صدفةً أنّ الصورة المشتهاة هي النافذة الكبيرة للغرفة الضخمة، التي تُرى منها مشاهد خضراء خالية من الناس. بكلمات أخرى، يمكن القول إنّ أفقية المسكن العامّ وعمودية الأبراج الجديدة ليستا فقط تضادًّا شكليًّا، بل تعبّران عن الجوهر الاجتماعي - الجماهيري الكامن فيهما.
يسعى هذا المعرض إلى تفحّص تصميم الأحياء مع التطرّق إلى الصلة بين أهدافه المادية والاقتصادية وبين الجوانب البشرية والاجتماعية المرتبطة به. يرتبط هذا النقاش بأسئلة حول التزام الدولة تجاه جميع مواطنيها وتجاه المجموعات المستَضعفة. كان الهدف الرئيسي لـ"احتجاجات الخيام" صيف 2011 الاحتجاج على تجاهل المؤسسة الرسمية وتنكرّها لقضية غلاء المعيشة وانعدام إمكانية اقتناء شقة للسكن. إثر تلك الاحتجاجات، بُلورت خطط مثل "لاجور بكافود" (السكن بكرامة) وجُدّت برامج مثل "محير لمشتاكين" (سعر للساكن)، بهدف تأمين مساكن عامّة وتخفيض سعر الشقق. لكنها كانت في الأساس خُططًا اقتصادية، مبنية على السوق الفردية، ولم تُعنَ بمواضيع تصميم الأحياء وقِيَمه، التي تتصدر اهتمامات هذا المعرض.
كل تصميم لحيّ - سواء كان مؤسسًا على بناء رسمي قديم وأفقي أو على بناء فرديّ جديد وعمودي - يعبّر عن أيديولوجية ما. علينا كمواطنين أن نختار الأيديولوجية التي تناسبنا، أين يلائمنا أن نسكن، ما هي القيَم الجماهيرية والبيئية التي تهمّنا، وما هي الاحتفالات التي يجدر أن نشارك فيها.
مدينتان توأمان: الإسكان العامّ في دوسلدورف
بدأ الإسكان العامّ في ألمانيا بين الحربَين العالميّتَين. فقد أدّى الدمج بين نظرية مدينة الحدائق البريطانية والبناء الحديث إلى أحياء مفعمة بالخضار حول المدن الكبرى. منذ عام 1928، طُوّرت وبُنيت في ألمانيا بيوت إسكان طويلة أفقيًّا، بشكل مماثل للبيوت التي انتشرت في إسرائيل في أواخر الخمسينات وفي الستينات.
قبل الحرب العالمية الثانية، كانت المساكن العامّة قليلة في أوروبا وعبّرت خصوصًا عن مقاربة اشتراكية وعن أفكار بناء المدن والعمارة الجديدة. أمّا بعد الحرب، فقد انتشرت في القارّة كلّها. لم يترك الدمار والخراب وكثرة المُشرَّدين مفرًّا من تولي الحكومات الأوروبية المسؤولية، ما ظهر في بناء الأحياء الشعبية بشكل كبير.
في دوسلدورف، ألمانيا الغربية، بادرت البلدية إلى التخطيط لحيّ غاراث (Garath) وبنائه، وهو الحيّ الذي صوّره ماركوس لويغس. فاز المصمّم، المهندس المعماري فريدريك تامس، بجائزة التخطيط عام 1958. صُمّم الحيّ لسكن 30,000 مواطن، وبُني بين عامي 1961 و1972. وكان الأمر عبارة عن مبادرة عامّة، مثل المساكن العامّة في دولة إسرائيل.
المعرض هو ثمرة تعاون بين متحف مدينة حيفا ومتحف مدينة دوسلدورف. وهو يشكّل مدماكًا إضافيًّا في علاقات الصداقة القائمة بين المدينتَين في مجالات الثقافة، الرياضة، والإدارة. في المعرضَين، المُقامَين في متحفَي المدينتَين، تُفحَص مسائل أخلاقية، اجتماعية، واقتصادية تتجسّد في الإجراءات المعمارية في الحيّز المدني.
روناه شاحر/ أمير توماشوف/أمنون لبكين/ عنات روزنسون/ديفي برئيل/ أوريت سيمن طوف/ إيلي سينغلوفسكي/ يغئال فليكس/ غاي مرجوليك/ نوعمي سلني/ إيدو باك/ مايا غرتسفلد/ مارقوس لويغ/ آنا ولنبرغ/ مجموعات خاصة وعامة
بالتعاون مع متحف المدينة في دوسلدورف