بعد الحرب السّابقة

بعد الحرب السّابقة  (1970-1989)

أفيف يتسحاقي

أمينتا المعرض: إفرات آفني مزاه وعينبار درور لكس

أفيف يتسحاقي (ولد عام 1949) هو مصوّر من مواليد حيفا، تنقّل بين المدن حيفا والقدس وباريس في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وشهد التحوّلات التي حدثت في المجتمع اليهودي في إسرائيل وفي فرنسا خلال تلك السنوات. خلال هذه الفترة، أنشأ مجموعة رائعة من الأعمال الشاملة والمثيرة للإعجاب، التي تصف البيئات المدينية التي عاش فيها وثراء الأشكال التي وجدها فيها. تعرّف يتسحاقي على حياة الجالية اليهودية وعلى ثقافة باريس بعد زواجه من صحفية يهودية من فرنسا. وقد عمّق معرفته بالصيرورة المحلية عندما استقر هناك وأسّس أسرة. عمل يتسحاقي كمصوّر مستقلّ لعدة صحف ومؤسسات تابعة للجالية اليهودية، كاستمرار لنشاطه كمصوّر عمل مع صحف ومكاتب دعاية وإعلان في إسرائيل.

تعكس صور يتسحاقي، وفي بعض الأحيان بشكل خفيّ، التنقّلات بين الدولتين. تُلاحظ في هذه الصور اتجاهات البحث والفحص والانشغال بالأشكال وبالخطوط، بالأضواء وبالظلال، بالأحجام وبالبنى، التي تظهر أو تخفي شعور الانتماء والغربة والفحص المتكرر للهويات والحالات الإنسانية. قد تدلّ هذه على الأزمة الإيديولوجية والشخصية التي عاشها يتسحاقي قبل خروجه من البلاد. على نحو شبيه بأبناء جيله، أحدثت حرب يوم الغفران عام 1973 انكسارًا في حياة يتسحاقي- انكسارًا أحدث في المجتمع الإسرائيليّ تحوّلات سياسيّة، اجتماعية وفكرية أدّت إلى تغيير وجه الحياة الإسرائيلية. هذه الأزمة جعلت يتسحاقي يغادر البلاد ويهاجر إلى فرنسا مع تعمّق إيمانه والانتقال من نمط حياة علماني إلى نمط حياة دينيّ.

الانشغال في صور الشّوارع والمناظر الاجتماعية والمدينية – وهي موضوعات تقف في صميم هذا المعرض - له جذور في تقاليد مصوّري الصحافة والشّوارع. مصوّرو "اللحظة الحاسمة" الذين بدأوا ينشطون في أواسط القرن العشرين، مثل هنري كارتيه-بريسون وروبرت فرانك وآخرين، أكّدوا على فوريّة النظرة وعلى عشوائية اللحظة، متأثّرين بذلك بفكر شارل بودلير ووالتر بنجامين، وعلى انشغالهم بمصطلح "التجوّل" وبشخصيّة عابر السبيل، "المتجوّل" المدينيّ (الـflâneur).

تعكس صور يتسحاقي تجربة المتجوّل المدينيّ الموجود في حركة دائمة في البيئة المدينيّة - ذلك الذي يبحث في متاهة الشّوارع والأزقّة، ويتتبّع شخصية فلانة التي تطلّ من باب بيتها، ويتطلّع إلى هنا ويلقي نظرة إلى هناك، ويُحوّل ذلك كله إلى مشاهدات عشوائيّة لحياة المدينة. يتسحاقي هو "المتجوّل" في المناظر المدينيّة في إسرائيل وفرنسا، وهو يلتقط ببصره البيئة التي تحيط به وبنا. من خلال التصوير اليوميّ والعشوائيّ يبيّن لنا ما لم نرهْ، وما لم ننتبه إليه وما لم نردْ رؤيته، وما أردنا أن ننساه.

يتم تقديم المعرض مجموعة كاميرات تاريخية، مدعتك - المتحف القومي للعلوم، التكنولوجيا والفضاء، حيفا