السّينما، هي أحد التجديدات الكبيرة للثقافة الجماهيريّة في القرن العشرين، وقد لعبت دورًا جوهريًّا في صيرورة حياة حيفا في مراحل تطوّرها. تطوّرت المدينة، شأنها شأن السينما، بشكل سريع في القرن الماضي كنتاج للعصر الحديث. منذ العشرينيات وحتى الستينيات من القرن العشرين بُنيت في أنحاء المدينة، في مراكز الترفيه المختلفة التي تبدّلت كلّ عقد من الزمن، دور سينما كثيرة. قسم من هذه المباني، الذي قام بتخطيطه خيرة المهندسين، كان بمثابة "قصور جماهيرية" فاخرة بمفاهيم المدينة الحديثة.
إن المعرضين اللذين يُعرضان هنا بشكل متوازٍ يتناولان أهميّة دور السينما الحيفاوية ويسعيان إلى التوقف عندها من ناحيتين: بكونها دلالة واضحة على مراحل العصرنة التي مرّت بها المدينة؛ وكذلك بكونها مرآة تعكس مختلف القضايا المرتبطة بتعدّدية المجتمع الحيفاويّ، كتمثيل للمجتمع الإسرائيليّ بكامله.
المعرضان، كُلّ بطريقته، هما بمثابة محاولة أولى لكشف الدور الذي لعبته السينما في تشكيل الحيّز الجماهيريّ والثقافيّ وفي بلورة الوعي الجماعيّ المحلّي، أمام الجمهور العريض. في هذه الحالة، تُعتبر دور السينما الحيفاويّة بمثابة نافذة رائعة ومُدهشة لتأمّل سيرورة تشكّل المجتمع الإسرائيلي خلال القرن العشرين.