تطوّرَ الهدار، أحد أحياء حيفا القديمة، حول مبنى التخنيون الذي تمّ بناؤه وفقًا لتصميم ألكسندر برافيلد بين الأعوام 1909-1913. كان هذا الحيّ في الثلاثينات والأربعينات حيًّا مقتدرًا اقتصاديًّا وبرجوازيًّا، وشكّل مقرًّا لمجتمع المهاجرين الذين جاءوا من دول مركز أوروبا على اثر اتساع المُلاحقات اللاسامية في بولندا، ألمانيا والنمسا. بمرور السنين طرأت على الحيّ تغيّرات كثيرة، فقد توسّعت وتغيّرت ملامح سكّانه. توجد في الهدار اليوم نشاطات ثقافيّة، اجتماعيّة مُمَأسَسَة إلى جانب نشاطات أخرى غير مُمَأسَسَة، وهي سويةً تجعل من الحيّ مكانًا تعدّديًّا وآسرًا.
يتناول معرض الهدار الغائب استيراد النمط الهندسيّ المعماريّ الدوليّ إلى حيفا في الثلاثينات والأربعينات وملاءمته للظروف المحليّة. النمط الدولي المُجدّد، الحديث والأنيق تلاءم مع العلمانيّة التي تميّزت بها البرجوازيّة الجديدة في الهجرة الرابعة والهجرة الخامسة ومع أمثولة "اليهودي الجديد" في الاشتراكيّة الصهيونيّة.
أيديولوجية هذا النمط اتفقت مع ملاءمته الوظيفيّة لمناخ البحر المتوسّط، المحاولة الفتيّة للعمّال اليهود في أعمال البناء، الموادّ الخامّ المحلية المتوافرة واحتياجات الإسكان الملحّة للاستيطان اليهوديّ. يسعى المعرض إلى تجسيد الهوّة بين الفكرة المثاليّة والواقع، بين التخطيط المعماريّ والتنفيذ الهندسيّ، بين الإرادة والحاجة، بين الماضي والحاضر؛ وهو يخلق حوارًا مُركّبًا بين صور تاريخيّة، رسومات ومخطّطات معماريّة وبين الصورة الراهنة التي تصف مراحل مختلفة من التآكل، الفقدان، التفكّك والتدهور الماديّ للمباني والشوارع من جرّاء الإهمال المتواصل. يرسم المعرض حيّ الهدار كمقرّ لأحد المراكز الهامّة للهندسة المعماريّة وفق النمط الدوليّ في أرض إسرائيل/فلسطين – عمل معماريّ يتميّز بالثراء الشكليّ، العنصر النحتيّ، التفاصيل الفنيّة ورهافة الحسّ لاحتياجات التخطيط البلديّ والظروف الجغرافيّة الخاصّة في حيفا. ويثير المعرض، من هذه الناحية، جدلاً حول الحيّ كموقع ذي قيم تاريخيّة مدينية ومعماريّة يجدر حفظها وصيانتها ويدعو إلى تجديده.
بادر سكّان الهدار، على مرّ السنين، إلى نشاطات مختلفة تهدف إلى المساهمة في تحسين جودة الحياة في المكان، وتحسين خصائصه وإمكانيّاته. معرضXY كرمومو زونيثير نقاشًا حول النشاط الجاري في فضاء الحيّ وأبعاده الاجتماعيّة.
هذان المعرضان يتقصّيان معًا خصائص حيّ الهدار المختلفة وتركيبته النابعة من تاريخه الثريّ والديناميكيّ، وهما يسعيان إلى إلقاء الضوء على سيرورات متواصلة تتفاعل فيه.