عصر الانتداب البريطاني تميز بمراحل مكثفة من التخطيط وإقامة بنية تحتية في البلاد. بين المدن الكبرى برزت حيفا بالبصمة التي طبعها هذا العصر على نموها. المدينة الهادئه تحولت إلى مركز النشاط االذي جرى في البلاد في ذلك الوقت.
هذا المعرض يحاول رصد نمو حيفا الخاص منذ احتلال المدينة في 23 أيلول 1918 بيد الجيش البريطاني وحتى 29 تشرين ثاني 1947, اليوم الذي به قررت منظمة الأمم المتحدة انتهاء الانتداب البريطاني. كان هذا الانجاز مشتركا بين قوتين- البريطانيين والحيفاويين, سكان المدينة- اللتين بنتا البنية التحتية لحيفا كما نعرفها حتى يومنا هذا. هذان العاملان يظهران في المعرض بدائرتين منفردتين, حسب رؤيتهما المختلفتين للمدينة.
طمح البريطانيون بتنمية البنية التحتية للبلاد, وخاصةً حيفا, إذ أن المدينة, محيطها ومنطقة الخليج كانوا بالنسبة لهم هدفا للتخطيط والعمل الاستراتيجي. قُدرت أهمية حيفا كمدينة تضطلع بدور محوري في النظامالشرق أوسطي الذي يحوي أكثر من سياقه المحلي. الدائرة الأولى للمعرض تطمح اذن باستعادة الشكل الخاص الذي رأى به الانتداب البريطاني نمو المدينة. معروض بها أحداث مركزية وشخصيات أساسية, المرتبطون بسياسة السلطة البريطانية اتجاه حيفا ومحيطها واتجاه فئاتها الاجتماعية ومناهج حياتها.
الدائرة الثانية للمعرض تتناول التعامل المشترك الذي تبلور في عصر الانتداب البريطاني. العلاقات بين اليهود والعرب في هذه الفترة بنيت من خلال الاعتراف أن الثبات الاقتصادي, الأمني والسياسي سوف يساعد الطرفين, وأنه ينبغي تجنب تعميق الصراع, الذي يمكن أن يتسبب بجرح صعب الإلتئام. بهذا الصدد كونت حيفا نموذجا يحتذى به والذي أثبت نجاحه, وتراثه ظاهرا حتى هذا اليوم في كيان المدينة. هذا الجزء من المعرض يحاول تتبع الأصوات المتعددة للمفاهيم والقصص المتعلقة بنسيج العلاقات والتعامل المشترك بين العرب واليهود في حيفا تحت الانتداب. المعروضات لا تخلق عملية بناء مراحل زمنية إنما تتناول أشكال الحياة المختلفة: السلطة البلدية, سوق العمل, التجارة والصناعة, أشكال ثقافة وترفيه, نظام التربية والتعليم, وكذلك تصميم وتشكيل نمو الحيز المديني.
القضايا المختلفة التي اختيرت للمعرض تُمكن النظر إلى الدور الخاص للأساطير في بناء الذاكرة الجماعية لليهود, العربوالبريطانيين- المجموعات الرئيسية التي أنشطتها كانت حاسمة أثناء هذه الفترة.وفيهذا الصدد ، يقدم المعرض فصل هام وكبير من التاريخ الوطني للبلاد أجمع خلالفترة الانتداب.