على مدى سنوات وجوده، ترك مسرح حيفا – المسرح البلدي الأوّل في إسرائيل – أثره على الخريطة الثقافية في البلاد ورسّخ مكانته كركيزة مركزيّة في حياة المجتمع الإسرائيليّ، وخصوصًا في حياة أبناء حيفا ومنطقة الشمال.لمناسبة احتفالاته باليوبيل الذهبيّ على تأسيسه، انضمّ مسرح حيفا إلى متحف المدينة حيفا لإنتاج معرض متميّز، يتتبّع بخطوط عامة الطريق الفنّي للمسرح كمُعبّر، بأشكالٍ مختلفة، عن نسيج الحياة الذي هو مرتبط به.
يقدّم المعرض الحالي قصّة المسرح البلدي حيفا، بمختلف المسرحيات التي عُرضت على منصّاته، الأحداث المُمأسسة التي حدثت فيه، السياقات الفنيّة والثقافية المتصلة بنشاطه، والظروف الاجتماعية-السياسية التي نشط فيظلها. من خلال إنتاج مئات المسرحيّات الأصليّة المحليّة، الكلاسيكية والمعاصرة، تُقدّم في المعرض محطّات على قدر من الأهمية، في محاولة لرسم الخطوط العريضة للمسرح كمؤسسة تُقيّم نشاطاتها بمدى صلتها بالركائز الجمالية والفكرية التي تمثّل وجهة نظر مديريه المختلفين، وكذلك من حيث كونه مسرحًا طرفيًّا يسعى إلى البحث عن هويّته بشكل دائم.
إنّ فنّ المسرح، بحكم طبيعته، يعرض أعمالا إبداعيّة لمرّة واحدة ثمّ تتبدّد، وهي أعمال تحدث هنا والآن، ولذلك فإن محاولة تخليد اللحظة التي لا تعود قد تثير عدم الراحة بقدر ما؛ لكن، في المقابل، يمكننا من خلال المعرض أن نتوقّف عند الأهميّة التاريخية المتراكمة لهذا العمل، الذي يشتمل على إنجازات مئاتٍ من المبدعين – الكتّاب المسرحيين، المترجمين، المخرجين، المُصمّمين، المنفّذين وسائر المبدعين الذين ترعرعوا تحت أكناف مسرح حيفا.