منظر مدينيّ

الجمعة, 21.06.13

:

,

لمعلومات إضافية:

046030800

شارك

إن تناول مناظر المدن، كموضوع مستقلّ بحدّ ذاته، سبق أن ظهر في تاريخ الفنّ الغربي منذ حضارة روما القديمة كجزءٍ من رسومات المنظر. وفي الفنّ الإسرائيلي وثّق فنانون ومصوّرون كثيرون محيطهم المدينيّ. رغم قدرة الصور الفنيّة المحدودة، افتراضًا، على تشكيل توثيق ذي مصداقيّة للمحيط الماديّ، فإن معارض كثيرة تتناول، في العقود الأخيرة، تفسيرات المنظر المحلي. تشكّل هذه النظرة أداة لفهم التحوّلات الكثيرة التي طرأت على الحيّز ارتباطًا بتغيّرات سياسيّة، ثقافيّة واجتماعيّة.

معرض "منظر مدينيّ" يقدّم أوصافًا لحيفا من فترات وزوايا مختلفة. ويعرض تفسيرات عدد من الباحثين والمبدعين من مجالات وتخصّصات مختلفة لصور مناظر حيفا. يساعد المعرض، من خلال تفسيراتهم، على فهم المنظر المدينيّ، ويطرح أسئلة حول دور مجموعات متاحف حيفا في حفظ الثقافة المحليّة.

قدم إلى البلاد بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر حجّاج كثيرون، وقد وثقوها بأعمال طباعة، نقش ورسم.  وصف الحجّاج المفعمون بالإيمان البلاد، بما فيها منطقة حيفا، بروح الأصول التوراتية وبشكل دمَج الخيال بالواقع. في مستهلّ القرن التاسع عشر بدأ يصل إلى البلاد باحثون لإجراء مسح جغرافيّ وأركيولوجيّ. في هذا القرن، بلغ أدب الرحلات المترافق برسومات ذروته، وقد عكف هذا الأدب على وصف البلاد المقدّسة. في الفترة نفسها، كان وصف المكان يميل إلى الواقعيّة، لكنه ظلّ يتميّز بالمثالية الرومانسيّة. وحظي جبل الكرمل بقداسة خاصّة بفعل قبر إلياهو (الخضر) وأليشع، وقد وفد إليه رهبان انعزلوا في مغائره. في القرن التاسع عشر بدأت تظهر، أيضًا، أوصاف لاستيطان فرسان الهيكل (التمبرليين) في حيّ الألمانيّة.

تعكس أعمال الطباعة الإطلالات المختلفة لرسّامي تلك الحقبة – من الجبل إلى الأسفل، من البحر ومن جهة مدينة عكا المجاورة. وفيها جميعًا يندمج الجبل والبحر في مناظر الخليج – وهو دمج حوّل حيفا إلى مكان مميّز ومرغوب. للمدينة ميزات خاصة من ناحية المنظر ومن ناحية طوبوغرافيّة، وكذلك من ناحية دينيّة: دير المحرقة، مغارة إلياهو/مقام الخضر ومعبد الباب (الحدائق البهائيّة). يبرز تميّزُ المدينة، أيضًا، بكونها مفترق طرق هامًّا بفعل الميناء وسكّة حديد الحجاز ودورها كـ"باب القدوم" للمهاجرين الجدد. لكنّ هذه المميّزات الطوبوغرافية زادت من صعوبة عملية تخطيط المدينة، فبُنيت أحياء بعد أخرى مختلفة جدًّا في طابعها.

في مستهلّ القرن العشرين، تطوّرت في البلاد مدرسة رسم تميّزت بتوجّه عفويّ بروح أوروبيّة. إنّ الصبوّ إلى إحياء التقاليد العبريّة التاريخية وعرض رؤية صهيونية قادا إلى وصف المنظر الطبيعيّ بشكل مشبَع بالانفعال المفرط والمثالية. تظهر بطاقات البريد التي صدرت بعد إقامة الدولة أنّ المدينة وُصفت بجمالها الخلاب، من خلال إبراز مناظرها وقبّة المعبد البهائيّ التي تذكر بقبّة الصخرة، إلى جانب كونها مدينة حديثة وصناعيّة، تحتوي على الميناء وبناية "الداغون". وقد وُظّفت المطبوعات، الرسومات والبطاقات البريدية التي تصف تميّز حيفا على امتداد السنين في خارج البلاد، كأداة لتسويق إنجازات الصهيونيّة.

يتيح هذا المعرض للمشاهد، في مختلف صوره، تذوّق تمثيلات حيفا المختلفة. إنه يقدّم نظرة نقديّة هامّة ويمكّن من تعلّم شيء عن بلورة الوعي بشأن جوهر المدينة في الماضي وفي الحاضر. إنه يعلمنا كيف يؤثر الحيّز المحيط بنا على حياتنا وكيف يساعد على بلورة هويّتنا، وبالتالي فهو يمكّن من إدراك كيفيّة وجود فجوة، أحيانًا، بين النظرة من الداخل لدى المقيم المحليّ، وبين نظرة القادم إلى المكان من خارجه.

الفنانون المشاركون

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك